- الأوضاع في الجزائر في مطلع العصور الحديثة
استهلت الجزائر العصور الحديثة و الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية فيها متأزمة.
2-1 الأوضاع السياسية
2-1-1 ضعف الدولتين الحفصية والزيانية
لقد كانتا تقتسمان النفوذ في الجزائر، الأولى في نصفها الشرقي، والثانية في نصفها الغربي، ثم مالتا إلى الضعف و السقوط نتيجة لعوامل عديدة بعضها داخلي، وبعضها الآخر خارجي، نذكر منها:
- النزاع الذي كان يقوم بين الدولتين، وبينهما وبين الدولة المرينية،(3) من أجل السلطة والنفوذ، خاصة قبل مطلع القرن السادس عشر الميلادي/ العاشر الهجري، والتنافس الذي كان يقوم بين أفراد الأسرة الحفصية، وكذلك بين أفراد الأسرة الزيانية، مما أضعفهما وأنهك قواهما و أدى أخيرا إلى تجزئهما و تفككهما و تقلص نفوذهما أكثر فأكثر خاصة في النصف الأول من القرن العشر الهجري/ السادس عشر ميلادي.
وقد كان المتنافسون يضطرون إلى الاستعانة بالقبائل العربية كبني عامر و الذواودة(1)، أولاد سعيد (2)، و الشابيين (3)، التي كانت تستغل حاجـاتهم إليهـا، وضعفهم لتتنمر عليهم، وتقلص نفوذهم إلى حد كبير.
- تدهور وضعهما الاقتصادي نتيجة نقص مواردهمـا ،بخروج مناطق عديدة عـن سلطتهما، واضطرار الدولتين إلى تقديم قسط كبير، قد يبلغ نحو النصف من مد خولهما القليل إلى القبائل، حتى تأمنا شرها، مما كان له انعكاسه على القدرات العسكرية للدولتين فلم يعد بإمكانهما أن تقيما الجيوش النظامية الكبيرة العدد، ذات التجهيز القادر على إخضاع تلك القبائل، والمناطق المتمردة أو الحيلولة دون استقلالها، وعلى مواجهة الخطر الخارجي.وقد لاحظ مارمول ضعف سلاطين تلمسان فقال عنهم " انهم لا يجندون الجند إلاّ لفترة الحرب، وهم لا يملكون العربات، ولا الخيام، وإنهم فقراء جدا..." (4).
- مساهمة القوى الدينية المتمثلة في المرابطين، وأتباع الطرق الصوفية فـي إضعافهما عن طريق توجيه الانتقاد لهما، بل ومحاولة بعض كبار المرابطين والمتصوفة تأليب الرأي العام عليهما ،كالشيخ أحمد بن يوسف الملياني(5)، والشيخ عرفة الشابي(6) ومساهمة آخرين في قيام الحكم العثماني في الجزائر، الذي زاد في إضعافهما قبل القضاء عليهما(7).
- الغزو الخارجي الإيبيري، الإسباني على الخصوص للشواطئ الجزائرية، الآتي الحديث عنه، الذي أبان عجزهما عن الدفاع عنها ،وقلص نفوذهما، وأضعف شأنهما إلى حد كبير في نظر رعاياهما و نفرهم من سلاطين الدولتين الذين مالوا إلى السلم مع العدو ،أو الخضوع له .
2-1-2 التفكك الداخلي
وقد نجم عن ذلك الضعف، الذي تردت فيه الدولتان الحفصية و الزيانية ، اضطراب الجزائر وتجزؤها إلى عدة وحدات سياسية صغيرة متنافرة، لا يسود بينها الوئام. فأغلب المدن الساحلية كوهران، وتنـس، وشرشـال، والجزائـر، ودلـس، و بجاية، وجيجل، و القل وغيرها، كانت في مطلع القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، إما تحت حكم أمير زياني منشق عن الدولة الزيانية، كأبي يحيى بن محمد الزياني في تنس، أو عن الدولة الحفصية ،كعبد الرحمن الحفصي في بجاية، أو تحت حكم مجلس منتخب من سكان المدينة، كوهران، أو شيخ قبيلة كسالم التومي، شيخ قبيلة الثعالبة في مدينة الجزائر.
وكانت كل المناطق الجبلية في الفترة نفسها مستقلة، وتأسست في بعضها إمارات ذات أصل مرابطي، أو شريفي، من أهمها: إمارة بني عباس في جبال القبائل جنوب بجاية، وإمارة كوكو الواقعة إلى الغرب من الإمارة الأولى في الجبال نفسها.
واستقلت المدن الداخلية كذلك عنهما تحت حكم بعض الأسر ،كأسرة بني جلاب في توغرت، وعلاهم في ورقلة، جنوبي الجزائر، وغيرها. وسادت القبائل على المناطق السهلية كبني عامر في القطاع الوهراني، و الذواودة في القطاع القسنطيني(1)
استهلت الجزائر العصور الحديثة و الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية فيها متأزمة.
2-1 الأوضاع السياسية
2-1-1 ضعف الدولتين الحفصية والزيانية
لقد كانتا تقتسمان النفوذ في الجزائر، الأولى في نصفها الشرقي، والثانية في نصفها الغربي، ثم مالتا إلى الضعف و السقوط نتيجة لعوامل عديدة بعضها داخلي، وبعضها الآخر خارجي، نذكر منها:
- النزاع الذي كان يقوم بين الدولتين، وبينهما وبين الدولة المرينية،(3) من أجل السلطة والنفوذ، خاصة قبل مطلع القرن السادس عشر الميلادي/ العاشر الهجري، والتنافس الذي كان يقوم بين أفراد الأسرة الحفصية، وكذلك بين أفراد الأسرة الزيانية، مما أضعفهما وأنهك قواهما و أدى أخيرا إلى تجزئهما و تفككهما و تقلص نفوذهما أكثر فأكثر خاصة في النصف الأول من القرن العشر الهجري/ السادس عشر ميلادي.
وقد كان المتنافسون يضطرون إلى الاستعانة بالقبائل العربية كبني عامر و الذواودة(1)، أولاد سعيد (2)، و الشابيين (3)، التي كانت تستغل حاجـاتهم إليهـا، وضعفهم لتتنمر عليهم، وتقلص نفوذهم إلى حد كبير.
- تدهور وضعهما الاقتصادي نتيجة نقص مواردهمـا ،بخروج مناطق عديدة عـن سلطتهما، واضطرار الدولتين إلى تقديم قسط كبير، قد يبلغ نحو النصف من مد خولهما القليل إلى القبائل، حتى تأمنا شرها، مما كان له انعكاسه على القدرات العسكرية للدولتين فلم يعد بإمكانهما أن تقيما الجيوش النظامية الكبيرة العدد، ذات التجهيز القادر على إخضاع تلك القبائل، والمناطق المتمردة أو الحيلولة دون استقلالها، وعلى مواجهة الخطر الخارجي.وقد لاحظ مارمول ضعف سلاطين تلمسان فقال عنهم " انهم لا يجندون الجند إلاّ لفترة الحرب، وهم لا يملكون العربات، ولا الخيام، وإنهم فقراء جدا..." (4).
- مساهمة القوى الدينية المتمثلة في المرابطين، وأتباع الطرق الصوفية فـي إضعافهما عن طريق توجيه الانتقاد لهما، بل ومحاولة بعض كبار المرابطين والمتصوفة تأليب الرأي العام عليهما ،كالشيخ أحمد بن يوسف الملياني(5)، والشيخ عرفة الشابي(6) ومساهمة آخرين في قيام الحكم العثماني في الجزائر، الذي زاد في إضعافهما قبل القضاء عليهما(7).
- الغزو الخارجي الإيبيري، الإسباني على الخصوص للشواطئ الجزائرية، الآتي الحديث عنه، الذي أبان عجزهما عن الدفاع عنها ،وقلص نفوذهما، وأضعف شأنهما إلى حد كبير في نظر رعاياهما و نفرهم من سلاطين الدولتين الذين مالوا إلى السلم مع العدو ،أو الخضوع له .
2-1-2 التفكك الداخلي
وقد نجم عن ذلك الضعف، الذي تردت فيه الدولتان الحفصية و الزيانية ، اضطراب الجزائر وتجزؤها إلى عدة وحدات سياسية صغيرة متنافرة، لا يسود بينها الوئام. فأغلب المدن الساحلية كوهران، وتنـس، وشرشـال، والجزائـر، ودلـس، و بجاية، وجيجل، و القل وغيرها، كانت في مطلع القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، إما تحت حكم أمير زياني منشق عن الدولة الزيانية، كأبي يحيى بن محمد الزياني في تنس، أو عن الدولة الحفصية ،كعبد الرحمن الحفصي في بجاية، أو تحت حكم مجلس منتخب من سكان المدينة، كوهران، أو شيخ قبيلة كسالم التومي، شيخ قبيلة الثعالبة في مدينة الجزائر.
وكانت كل المناطق الجبلية في الفترة نفسها مستقلة، وتأسست في بعضها إمارات ذات أصل مرابطي، أو شريفي، من أهمها: إمارة بني عباس في جبال القبائل جنوب بجاية، وإمارة كوكو الواقعة إلى الغرب من الإمارة الأولى في الجبال نفسها.
واستقلت المدن الداخلية كذلك عنهما تحت حكم بعض الأسر ،كأسرة بني جلاب في توغرت، وعلاهم في ورقلة، جنوبي الجزائر، وغيرها. وسادت القبائل على المناطق السهلية كبني عامر في القطاع الوهراني، و الذواودة في القطاع القسنطيني(1)