البرازيل: نمو اقتصادي واستمرار التفاوت في التنمية البشرية
- تمهيد تعلمي: يصنف البرازيل ضمن البلدان التي تتطور بسرعة على المستوى الاقتصادي؛فهذا البلد يتوفر على كل المؤهلات التي تجعل منه قوة اقتصادية كبرى دوليا.يعتمد البرازيل نظام اقتصاد السوق،حيث أنه اقتصاد حر وتنافسي .لقد حقق الاقتصاد البرازيلي حوالي 604.0 مليار دولار كقيمة للناتج الداخلي الخام سنة 2006،مما يجعله يحتل المرتبة التاسعة عالميا اقتصاديا.البرازيل بلد شاسع حيث أنه الأكبر مساحة بأمريكا اللاتنية،كما أن عدد سكانه يتجاوز 184 مليون نسمة (حسب إحصائيات 2007). يعتبر الوضع الاقتصاد في البرازيل ثابتا و متينا،إذ سهلت الحكومة الاستثمارات الأجنبية و دعمت الشركات المحلية .وفي 2007 تجاوز حجم الناتج الوطني الإجمالي كل التوقعات ليجعل البرازيل تقف إلى جانب العمالقة الاقتصاديين الجدد روسيا ، الهند و الصين .
2- أسس الاقتصاد البرازيلي:
1- إطار طبيعي واسع وغني لكنه صعب الاستغلال
أ - الظروف الطبيعية :
إضافة إلى الوحدة الجبلية المتمركزة بالوسط الجنوبي من البرازيل، تطغى على الطبوغرافية البرازيلية وحدتان تضاريسيتان مهمتان :
حوض الأمازون : وهو عبارة عن سهل كبير تكون بفعل الغرين المستخلص من نهر الأمازون مما كون حوضا هو أكبر حوض في العالم، إضافة إلى بعض السهول الضيقة المرتبطة بروافده والمنتشرة هنا وهناك.
الهضبة البرازيلية : وهي ترتبط بالقاعدة القديمة حيث تعرضت في الجنوب الشرقي إلى انكسارات جديدة هي التي أعطتنا السلاسل الجبلية المذكورة سابقا.
ومن الناحية المناخية هناك مناخان أساسيان : مناخ استوائي يسود بحوض الأمازون وهضبة كويانا مما أعطى حوضا مائيا ضخما وغطاء نباتيا كثيفا تعكسه غابة الأمازون أكبر غابة في العالم. ثم هناك المناخ المداري الذي يسود الهضبة البرازيلية ويتميز بتباين كمية الأمطار بين مختلف جهات الهضبة.
وبشكل عام فالظروف الطبيعية غير ملائمة بحكم صعوبة استغلال المجال، فباستثناء المنطقة الجنوبية والشريط السهلي المطل على المحيط الأطلنتي تظل التربة فقيرة ومعرضة للانجراف بسبب الزخات المطرية العنيفة، مما يجعل الأراضي الصالحة للزراعة لا تتعدى 10%.
ب-حجم الثروات المعدنية والطاقية في البرازيل :
تحتوي القاعدة القديمة على ثروات معدنية هائلة ومتنوعة، وتتجمع أغلب الاحتياطات المعدنية بولاية " ميناسي جيريس " ويعتبر الحديد أهم معدن تتوفر عليه البلاد حيث تضم البرازيل أكبر احتياطي عالمي في هذه المادة. أما الطاقة فإنتاجها يبقى ضئيلا خصوصا ما يتعلق بمصادر الطاقة الكلاسيكية ( البترول، الفحم ). بالمقابل تتوفر البرازيل على إمكانات هائلة فيما يخص الطاقة الكهربائية ذات الأصل المائي، فالبلاد تملك أكبر مولد للطاقة الكهرمائية في العالم وهو المرتبط بسد إيطايبو الذي يوجد على نهر بارانا.
1- يتميز الإطار البشري للبرازيل بالتنوع العرقي وغياب التوازن فيما يخص التوزيع :
ورثت البرازيل من الاحتلال الاستعماري البرتغالي اللغة البرتغالية والديانة الكاثوليكية وأصبح العنصر الأبيض يشكل غالبية السكان والذي تكون نتيجة هجرات متعددة من أوربا نحو البلاد، فضلا عن السود والذين وفدوا إلى المنطقة قسرا بسبب التجارة الثلاثية ثم الخلاسيون والأسيويون دون أن ننسى الهنود الحمر الذين هم الأساس العرقي في أمريكا اللاتينية.
وقد تطور سكان البرازيل بشكل مضطرب خلال القرن العشرين وبداية الواحد والعشرين حيث انتقل عدد السكان من 17 مليون ن. سنة 1900 إلى 157,8 م. ن سنة 1995،ثم أكثر من 184 مليون نسمة سنة 2007 . ويرتبط هذا النمو الهائل بالتزايد الطبيعي الكبير والسريع. وهكذا فعلى الرغم من المجهودات المبذولة من أجل الحد من هذا التزايد السريع للسكان فمعدل النمو لا يزال مرتفعا خصوصا داخل الأوساط الفقيرة التي تشكل أغلب سكان البرازيل والهرم السكاني للبرازيل هرم شاب نظرا لسيادة الفئات العمرية التي تقل عن 20 سنة.
شيء آخر يمكن أن نذكره بجانب النمو الديمغرافي السريع وهو سوء التوزيع حيث يتركز السكان في المناطق الساحلية. خصوصا بالسواحل الجنوبية نظرا لكون السواحل تتوفر على مدن كبيرة تشكل مراكز جدب لسكان البرازيل، وربما هذا المشكل هو الذي حذا بالدولة إلى إنشاء عاصمة جديدة بالداخل وهي العاصمة برازيليا من أجل تعميرالمناطق الداخلية.
وهناك ملاحظة أخرى وهي الحركية التي يعرفها سكان البرازيل بسبب الهجرة التي تتم نحو كبريات المدن كما يلاحظ أن حوالي 50 ألف برازيلي يغيرون منطقة إقامتهم كل سنة. كل هذه المعطيات تجعل 75% تقريبا من سكان البرازيل يتركزون بالمدن، وإن كانت هذه الأخيرة غير قادرة في كثير من الأحيان على استيعاب وفود المهاجرين مما يؤدي إلى مجموعة من الظواهر الشاذة مثل البطالة، الحرف الطفيلية والأحياء القصديرية ( الفافيلا).
2- 3- مراحل تطور السياسة الاقتصادية بالبرازيل :
اكتشف البرازيل أواخر القرن 15 الميلادي من طرف " ألفا ريس كابرال "، وقد كان في البداية بلدا شبه فارغ من السكان، سيعمر عن طريق الهجرات الخارجية، وكان الاقتصاد البرازيلي منذ القرن 19، إذا لم نقل قبل ذلك يعتمد على ما يسمى بدورات الإنتاج الواحد، مثل دورة الخشب الأحمرpau brasil (الخشب الناري)، دورة قصب السكر، دورة المعادن، دورة المطاط الطبيعي ثم دورة البن حيث كان اقتصاد البلاد منذ اكتشافها يعتمد على تصدير مادة من هذه المواد خلال مرحلة معينة ليشرع في تصدير مادة أخرى. وقد برزت كل من " ساو باولو " و" ريو دي جانيرو " كمراكز تجارية كبرى على مر التاريخ الحديث والمعاصر بالبرازيل. لكن وبسبب الأزمات الاقتصادية من جهة ثم استنزاف الواردات لأموال مهمة أثرسلبا على التنمية الاقتصادية، وبدأت الدولة تعمل على تشجيع صناعة وطنية تمكنها من إنتاج أهم حاجياتها الصناعية محليا، فنتج عن هذا التوجه تطور الصناعة البرازيلية عبر مجموعة من الإجراءات كتشجيع الرأسمال الأجنبي ومنح مجموعة من التسهيلات للشركات المتعددة الجنسية وخصوصا منها الشركات الأمريكية والألمانية. وتعتبر الفترة الممتدة ما بين 1967 و1974 أوج الانطلاقة الاقتصادية البرازيلية حيث وصل معدل النمو خلال هذه الفترة إلى 10%؛ وسمي ذلك بالمعجزة البرازيلية. خلال هذه المرحلة ارتكزت التجارة الخارجية البرازيلية على تشجيع الصادرات الفلاحية والصناعية، ومن أجل ذلك وهدفا لتطوير نسيجها الصناعي اقترضت الدولة مبالغ مالية خيالية من الخارج.
هذا النمو لم يجنب البرازيل مجموعة من المشاكل مثل ضعف الاستهلاك الناتج عن ضعف القدرة الشرائية بسبب فقر السكان، كما أن القروض الكثيرة التي تلقتها البرازيل جعلها من البلدان الأكثر مديونية في العالم، وربما هذه المشاكل هي التي جعلت الدولة مع مطلع التسعينات من القرن 20 تعتمد سياسة ليبرالية هدفها التقليل من حجم مبادرات الدولة والتخفيف من الحمائية وخوصصة المؤسسات العمومية.
3- الفلاحة قطاع نشيط بالبرازيل:
تحضى الفلاحة بأهمية متزايدة ضمن الاقتصاد البرازيلي،ويرجع ذلك إلى دورها المهم في دعم الصادرات ،ومساهمتها في الناتج الوطني الإجمالي من خلال تنشيطها لمجموعة من الصناعات الغذائية(بالنظر إلى ارتباط الفلاحة بالقطاعات الإنتاجية الأخرى،فهي تساهم ب33%من الناتج الداخلي الخام).وهناك مجموعة من المنتجات الفلاحية البرازيلية ذات شهرة عالمية مثل (القهوة/السكر/البرتقال/الصوجا/القطن/اللحوم...) . وتتوزع الفلاحة البرازيلية حسب اختلاف الظروف الطبيعية من منطقة لأخرى (أنظر الخريطة ص 190).
4- يعتبر القطاع الاقتصادي مفتاح القوة الاقتصادية البرازيلية مستقبلا:
استطاع البرازيل تحقيق نهضة صناعية واضحة، فهو البلد الأكثر تصنيعا في أمريكا اللاتينية، والصناعة تشغل 24% من السكان النشيطين، وتمثل 41% من الناتج الوطني الإجمالي. وقد تضاعفت قيمة الإنتاج الصناعي 4 مرات في الفترة الممتدة بين 1965 و1994، كما انعكس هذا التطور الصناعي على بنية المبادلات الخارجية حيث أصبحت المواد المصنعة تشكل ثلثي قيمة الصادرات، مما جعل البرازيل منافسا تجاريا قويا على الصعيد الدولي وإذا ميزنا بين أهم أنواع الصناعات يمكن أن نذكر :
الصناعات الاستهلاكية ؛ حيث توجد في طليعة الصناعات الغذائية ثم صناعة النسيج.
الصناعة الميكانيكية : ؛ والمرتبطة بصناعات الآلات والسيارات حيث تعتبر صناعة مزدهرة في أمريكا اللاتينية ,
الصناعات الأساسية العالية التكنولوجيا ؛ والمتمثلة في في البتروكيماويات وصناعة الصلب والأسلحة، وبعض الصناعات الأخرى المتطورة كصناعة العقول الإلكترونية والطائرات.
وإذا ما ألقينا نظرة على شكل توزيع النسيج الصناعي البرازيلي، سنجد أن أغلب النسيج يتركز في أقصى الجنوب الشرقي أو ما يعرف بمثلث " بيلو أوريزانتي " حيث توجد مدن متعددة كبرى، في حين تبقى المناطق الوسطى والداخلية شبه فارغة باستثناء أقصى الشمال الغربي وبالضبط في منطقة " ماناووس .
5- خصائص وبنية التجارة البرازيلية:
لا تزال البرازيل تعاني من ضعف الرواج التجاري داخليا بسبب ضعف القدرة الشرائية للسكان الناتجة عن الفقر، لهذا تركز الدولة كل اهتمامها على التجارة الخارجية، حيث نلاحظ نوعا من التشابه بين بنية المبادلات الخارجية البرازيلية ونظيراتها في الدول المصنعة القوية، ذلك أن مجموعة من الصادرات البرازيلية تتشكل من مواد مصنعة حيث تمثل هذه المواد أكثر من 50% من حجم الصادرات ( انظر المبيان ص:192) مقابل أكثرمن 60% عبارة عن واردات مصنعة. أما باقي الصادرات فتتوزع بين منتجات غذائية وفلاحية متنوعة، إضافة إلى المعادن، في حين أن الواردات تتكون من مواد تجهيزية وطاقية ومصنعة.
وبفضل تطور حجم الصادرات وخاصة المواد الفلاحية والصناعية فقد أصبح الميزان التجاري موجبا بفضل المجهودات التي بذلتها الدولة من تقليص الواردات.
6- تعاني البرازيل من مشاكل التفاوتات الاجتماعية بشكل يؤثر على أدائها الاقتصادي:
إن المشكل الأساسي الذي تعاني منه البرازيل،مشكل الفوارق الطبقية الحادة؛ف1% ققط من البرازيليين يسيطرون على 50% من الأراضي،كما أن نصف الصادرات البرازيلية تحتكر في يد أقلية من الباطرونا الصناعية والتجارية؛هذا فضلا عن الفوارق الكبير فيما يخص الأجور.مشكل آخر يصعب الحياة في البرازيل هو مشكل العنصرية بين البيض والسود.
مشاكل الفقر وضعف الدخل الفردي بالنسبة لشريحة واسعة من البرازيليين،تؤثر على قدرتهم الشرائية،وبالتالي ضعف الرواج التجاري على الصعيد الداخلي.
كل المشاكل التي ذكرناها لا تمنعنا من اعتبار البرازيل من البلدان الصناعية الجديدة بحكم المواقع أو المراتب المهمة التي يحتلها في مجموعة من المنتجات صناعية كانت أو فلاحية مما يجعله أول قوة اقتصادية في أمريكا اللاتينية.
- تمهيد تعلمي: يصنف البرازيل ضمن البلدان التي تتطور بسرعة على المستوى الاقتصادي؛فهذا البلد يتوفر على كل المؤهلات التي تجعل منه قوة اقتصادية كبرى دوليا.يعتمد البرازيل نظام اقتصاد السوق،حيث أنه اقتصاد حر وتنافسي .لقد حقق الاقتصاد البرازيلي حوالي 604.0 مليار دولار كقيمة للناتج الداخلي الخام سنة 2006،مما يجعله يحتل المرتبة التاسعة عالميا اقتصاديا.البرازيل بلد شاسع حيث أنه الأكبر مساحة بأمريكا اللاتنية،كما أن عدد سكانه يتجاوز 184 مليون نسمة (حسب إحصائيات 2007). يعتبر الوضع الاقتصاد في البرازيل ثابتا و متينا،إذ سهلت الحكومة الاستثمارات الأجنبية و دعمت الشركات المحلية .وفي 2007 تجاوز حجم الناتج الوطني الإجمالي كل التوقعات ليجعل البرازيل تقف إلى جانب العمالقة الاقتصاديين الجدد روسيا ، الهند و الصين .
2- أسس الاقتصاد البرازيلي:
1- إطار طبيعي واسع وغني لكنه صعب الاستغلال
أ - الظروف الطبيعية :
إضافة إلى الوحدة الجبلية المتمركزة بالوسط الجنوبي من البرازيل، تطغى على الطبوغرافية البرازيلية وحدتان تضاريسيتان مهمتان :
حوض الأمازون : وهو عبارة عن سهل كبير تكون بفعل الغرين المستخلص من نهر الأمازون مما كون حوضا هو أكبر حوض في العالم، إضافة إلى بعض السهول الضيقة المرتبطة بروافده والمنتشرة هنا وهناك.
الهضبة البرازيلية : وهي ترتبط بالقاعدة القديمة حيث تعرضت في الجنوب الشرقي إلى انكسارات جديدة هي التي أعطتنا السلاسل الجبلية المذكورة سابقا.
ومن الناحية المناخية هناك مناخان أساسيان : مناخ استوائي يسود بحوض الأمازون وهضبة كويانا مما أعطى حوضا مائيا ضخما وغطاء نباتيا كثيفا تعكسه غابة الأمازون أكبر غابة في العالم. ثم هناك المناخ المداري الذي يسود الهضبة البرازيلية ويتميز بتباين كمية الأمطار بين مختلف جهات الهضبة.
وبشكل عام فالظروف الطبيعية غير ملائمة بحكم صعوبة استغلال المجال، فباستثناء المنطقة الجنوبية والشريط السهلي المطل على المحيط الأطلنتي تظل التربة فقيرة ومعرضة للانجراف بسبب الزخات المطرية العنيفة، مما يجعل الأراضي الصالحة للزراعة لا تتعدى 10%.
ب-حجم الثروات المعدنية والطاقية في البرازيل :
تحتوي القاعدة القديمة على ثروات معدنية هائلة ومتنوعة، وتتجمع أغلب الاحتياطات المعدنية بولاية " ميناسي جيريس " ويعتبر الحديد أهم معدن تتوفر عليه البلاد حيث تضم البرازيل أكبر احتياطي عالمي في هذه المادة. أما الطاقة فإنتاجها يبقى ضئيلا خصوصا ما يتعلق بمصادر الطاقة الكلاسيكية ( البترول، الفحم ). بالمقابل تتوفر البرازيل على إمكانات هائلة فيما يخص الطاقة الكهربائية ذات الأصل المائي، فالبلاد تملك أكبر مولد للطاقة الكهرمائية في العالم وهو المرتبط بسد إيطايبو الذي يوجد على نهر بارانا.
1- يتميز الإطار البشري للبرازيل بالتنوع العرقي وغياب التوازن فيما يخص التوزيع :
ورثت البرازيل من الاحتلال الاستعماري البرتغالي اللغة البرتغالية والديانة الكاثوليكية وأصبح العنصر الأبيض يشكل غالبية السكان والذي تكون نتيجة هجرات متعددة من أوربا نحو البلاد، فضلا عن السود والذين وفدوا إلى المنطقة قسرا بسبب التجارة الثلاثية ثم الخلاسيون والأسيويون دون أن ننسى الهنود الحمر الذين هم الأساس العرقي في أمريكا اللاتينية.
وقد تطور سكان البرازيل بشكل مضطرب خلال القرن العشرين وبداية الواحد والعشرين حيث انتقل عدد السكان من 17 مليون ن. سنة 1900 إلى 157,8 م. ن سنة 1995،ثم أكثر من 184 مليون نسمة سنة 2007 . ويرتبط هذا النمو الهائل بالتزايد الطبيعي الكبير والسريع. وهكذا فعلى الرغم من المجهودات المبذولة من أجل الحد من هذا التزايد السريع للسكان فمعدل النمو لا يزال مرتفعا خصوصا داخل الأوساط الفقيرة التي تشكل أغلب سكان البرازيل والهرم السكاني للبرازيل هرم شاب نظرا لسيادة الفئات العمرية التي تقل عن 20 سنة.
شيء آخر يمكن أن نذكره بجانب النمو الديمغرافي السريع وهو سوء التوزيع حيث يتركز السكان في المناطق الساحلية. خصوصا بالسواحل الجنوبية نظرا لكون السواحل تتوفر على مدن كبيرة تشكل مراكز جدب لسكان البرازيل، وربما هذا المشكل هو الذي حذا بالدولة إلى إنشاء عاصمة جديدة بالداخل وهي العاصمة برازيليا من أجل تعميرالمناطق الداخلية.
وهناك ملاحظة أخرى وهي الحركية التي يعرفها سكان البرازيل بسبب الهجرة التي تتم نحو كبريات المدن كما يلاحظ أن حوالي 50 ألف برازيلي يغيرون منطقة إقامتهم كل سنة. كل هذه المعطيات تجعل 75% تقريبا من سكان البرازيل يتركزون بالمدن، وإن كانت هذه الأخيرة غير قادرة في كثير من الأحيان على استيعاب وفود المهاجرين مما يؤدي إلى مجموعة من الظواهر الشاذة مثل البطالة، الحرف الطفيلية والأحياء القصديرية ( الفافيلا).
2- 3- مراحل تطور السياسة الاقتصادية بالبرازيل :
اكتشف البرازيل أواخر القرن 15 الميلادي من طرف " ألفا ريس كابرال "، وقد كان في البداية بلدا شبه فارغ من السكان، سيعمر عن طريق الهجرات الخارجية، وكان الاقتصاد البرازيلي منذ القرن 19، إذا لم نقل قبل ذلك يعتمد على ما يسمى بدورات الإنتاج الواحد، مثل دورة الخشب الأحمرpau brasil (الخشب الناري)، دورة قصب السكر، دورة المعادن، دورة المطاط الطبيعي ثم دورة البن حيث كان اقتصاد البلاد منذ اكتشافها يعتمد على تصدير مادة من هذه المواد خلال مرحلة معينة ليشرع في تصدير مادة أخرى. وقد برزت كل من " ساو باولو " و" ريو دي جانيرو " كمراكز تجارية كبرى على مر التاريخ الحديث والمعاصر بالبرازيل. لكن وبسبب الأزمات الاقتصادية من جهة ثم استنزاف الواردات لأموال مهمة أثرسلبا على التنمية الاقتصادية، وبدأت الدولة تعمل على تشجيع صناعة وطنية تمكنها من إنتاج أهم حاجياتها الصناعية محليا، فنتج عن هذا التوجه تطور الصناعة البرازيلية عبر مجموعة من الإجراءات كتشجيع الرأسمال الأجنبي ومنح مجموعة من التسهيلات للشركات المتعددة الجنسية وخصوصا منها الشركات الأمريكية والألمانية. وتعتبر الفترة الممتدة ما بين 1967 و1974 أوج الانطلاقة الاقتصادية البرازيلية حيث وصل معدل النمو خلال هذه الفترة إلى 10%؛ وسمي ذلك بالمعجزة البرازيلية. خلال هذه المرحلة ارتكزت التجارة الخارجية البرازيلية على تشجيع الصادرات الفلاحية والصناعية، ومن أجل ذلك وهدفا لتطوير نسيجها الصناعي اقترضت الدولة مبالغ مالية خيالية من الخارج.
هذا النمو لم يجنب البرازيل مجموعة من المشاكل مثل ضعف الاستهلاك الناتج عن ضعف القدرة الشرائية بسبب فقر السكان، كما أن القروض الكثيرة التي تلقتها البرازيل جعلها من البلدان الأكثر مديونية في العالم، وربما هذه المشاكل هي التي جعلت الدولة مع مطلع التسعينات من القرن 20 تعتمد سياسة ليبرالية هدفها التقليل من حجم مبادرات الدولة والتخفيف من الحمائية وخوصصة المؤسسات العمومية.
3- الفلاحة قطاع نشيط بالبرازيل:
تحضى الفلاحة بأهمية متزايدة ضمن الاقتصاد البرازيلي،ويرجع ذلك إلى دورها المهم في دعم الصادرات ،ومساهمتها في الناتج الوطني الإجمالي من خلال تنشيطها لمجموعة من الصناعات الغذائية(بالنظر إلى ارتباط الفلاحة بالقطاعات الإنتاجية الأخرى،فهي تساهم ب33%من الناتج الداخلي الخام).وهناك مجموعة من المنتجات الفلاحية البرازيلية ذات شهرة عالمية مثل (القهوة/السكر/البرتقال/الصوجا/القطن/اللحوم...) . وتتوزع الفلاحة البرازيلية حسب اختلاف الظروف الطبيعية من منطقة لأخرى (أنظر الخريطة ص 190).
4- يعتبر القطاع الاقتصادي مفتاح القوة الاقتصادية البرازيلية مستقبلا:
استطاع البرازيل تحقيق نهضة صناعية واضحة، فهو البلد الأكثر تصنيعا في أمريكا اللاتينية، والصناعة تشغل 24% من السكان النشيطين، وتمثل 41% من الناتج الوطني الإجمالي. وقد تضاعفت قيمة الإنتاج الصناعي 4 مرات في الفترة الممتدة بين 1965 و1994، كما انعكس هذا التطور الصناعي على بنية المبادلات الخارجية حيث أصبحت المواد المصنعة تشكل ثلثي قيمة الصادرات، مما جعل البرازيل منافسا تجاريا قويا على الصعيد الدولي وإذا ميزنا بين أهم أنواع الصناعات يمكن أن نذكر :
الصناعات الاستهلاكية ؛ حيث توجد في طليعة الصناعات الغذائية ثم صناعة النسيج.
الصناعة الميكانيكية : ؛ والمرتبطة بصناعات الآلات والسيارات حيث تعتبر صناعة مزدهرة في أمريكا اللاتينية ,
الصناعات الأساسية العالية التكنولوجيا ؛ والمتمثلة في في البتروكيماويات وصناعة الصلب والأسلحة، وبعض الصناعات الأخرى المتطورة كصناعة العقول الإلكترونية والطائرات.
وإذا ما ألقينا نظرة على شكل توزيع النسيج الصناعي البرازيلي، سنجد أن أغلب النسيج يتركز في أقصى الجنوب الشرقي أو ما يعرف بمثلث " بيلو أوريزانتي " حيث توجد مدن متعددة كبرى، في حين تبقى المناطق الوسطى والداخلية شبه فارغة باستثناء أقصى الشمال الغربي وبالضبط في منطقة " ماناووس .
5- خصائص وبنية التجارة البرازيلية:
لا تزال البرازيل تعاني من ضعف الرواج التجاري داخليا بسبب ضعف القدرة الشرائية للسكان الناتجة عن الفقر، لهذا تركز الدولة كل اهتمامها على التجارة الخارجية، حيث نلاحظ نوعا من التشابه بين بنية المبادلات الخارجية البرازيلية ونظيراتها في الدول المصنعة القوية، ذلك أن مجموعة من الصادرات البرازيلية تتشكل من مواد مصنعة حيث تمثل هذه المواد أكثر من 50% من حجم الصادرات ( انظر المبيان ص:192) مقابل أكثرمن 60% عبارة عن واردات مصنعة. أما باقي الصادرات فتتوزع بين منتجات غذائية وفلاحية متنوعة، إضافة إلى المعادن، في حين أن الواردات تتكون من مواد تجهيزية وطاقية ومصنعة.
وبفضل تطور حجم الصادرات وخاصة المواد الفلاحية والصناعية فقد أصبح الميزان التجاري موجبا بفضل المجهودات التي بذلتها الدولة من تقليص الواردات.
6- تعاني البرازيل من مشاكل التفاوتات الاجتماعية بشكل يؤثر على أدائها الاقتصادي:
إن المشكل الأساسي الذي تعاني منه البرازيل،مشكل الفوارق الطبقية الحادة؛ف1% ققط من البرازيليين يسيطرون على 50% من الأراضي،كما أن نصف الصادرات البرازيلية تحتكر في يد أقلية من الباطرونا الصناعية والتجارية؛هذا فضلا عن الفوارق الكبير فيما يخص الأجور.مشكل آخر يصعب الحياة في البرازيل هو مشكل العنصرية بين البيض والسود.
مشاكل الفقر وضعف الدخل الفردي بالنسبة لشريحة واسعة من البرازيليين،تؤثر على قدرتهم الشرائية،وبالتالي ضعف الرواج التجاري على الصعيد الداخلي.
كل المشاكل التي ذكرناها لا تمنعنا من اعتبار البرازيل من البلدان الصناعية الجديدة بحكم المواقع أو المراتب المهمة التي يحتلها في مجموعة من المنتجات صناعية كانت أو فلاحية مما يجعله أول قوة اقتصادية في أمريكا اللاتينية.