1-يؤدِّي التعليمُ دورًا أَساسيًّا في مساعدةِ الأَفرادِ على اكتسابِ المهاراتِ المعرفيَّةِ المتعلِّقةِ بالعلومِ والقدراتِ الاستنباطيَّةِ، والقدرةِ على استخدامِ التِّقْنيَّاتِ الحديثة، وتحقيقِ أَفضلِ استفادةٍ منَ المواردِ المتاحةِ التي تساعدُ على تحقيقِ أهدافِ التنميةِ الشاملة، وتسهيلِ حصولِ الشبابِ على وظائفَ في سوقِ العمل.
2- والواقعُ أَنَّ التحدِّياتِ التي تواجهُ التربيةَ العربيَّةَ كثيرة، أَهمُّها غيابُ الرؤيةِ الشاملةِ في مجالِ التعليم، وضُعْفُ الموازنات، ونقصُ التجهيزاتِ في المباني المدرسيَّة، فضلاً عن حاجةِ مناهجِ التعليمِ وأَساليبِ التدريسِ إلى التطوير، وإِعادةِ تأهيلِ المعلِّمين. وتشيرُ الدراساتُ إلى تجاوزِ عددِ الأُمِّـيِّين في العالمِ العربيِّ سبعين مليونَ شخصٍ خلالَ عام 2005، ووجودِ عشَرةِ ملايينِ طفلٍ عربيٍّ خارجَ التعليم، فيما لا تتعدَّى نسبةُ الإنفاقِ على الأَبحاثِ العلميَّةِ النصفَ في المئة من إِجماليِّ الدَّخلِ القوميِّ.
3- وتؤَكِّدُ هذهِ الدراساتُ أَنَّ الدوَلَ العربيَّةَ تحتاجُ إلى نظامٍ تعليميٍّ حديثٍ يواكبُ التغييراتِ القائمةَ في العالم، ويلبيِّ الطموحاتِ والتطلُّعاتِ ليخرِّجَ أَجيالاً تتميَّزُ بكفاءَاتٍ عاليةٍ قادرةٍ على العطاءِ.
4- لقد باتَ الإصلاحُ التعليميُّ في الدوَلِ العربيَّةِ ضروريًّا هذه الأَيَّامَ أَكثرَ من ذي قبل، لأَنَّهُ السبيلُ الوحيدُ إلى تسريعِ حركةِ التنميةِ والتقدُّمِ في الأَقطارِ العربيَّةِ. كما ينبغي الاهتمامُ بدورِ التعليمِ في التنميةِ الاقتصاديَّةِ والاجتماعيَّةِ بُغيةَ زيادةِ الدَّخْلِ القوميِّ عَبْرَ تحويلِ الأُمِّـيِّينَ إلى أَفرادٍ قادرينَ على المساهمةِ في المجتمعِ وتنميةِ الإنسانِ وإِعدادِهِ للحياة.
5- ولا بدّ هنا من التشديد على ضرورة تحقيق الإصلاح التربويّ الشامل ومعالجة أَسباب خلَل التعليم وضعفه في البلدان العربيَّة، وأَهمِّية تطبيق معايير ومناهج ترتكز على قواعد عالميَّة تحفِّز القدرات الابتكاريَّة للوصول إلى أَفضل المستويات العلميَّة، يُضاف إلى ذلك إِعادة توجيه التعليم نحو التنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة المستدامة، ما يقتضي ربطَ التعليمِ بمطالبِ المجتمع، وتشجيعَ البحثِ العلميِّ المؤسَّسيِّ.
6-كما يتوجَّبُ تحسينُ الإدارةِ التربويَّة، وتقوِيَةُ الجانبِ العلميِّ والمعرفيِّ المتخصِّصِ لأَداءِ أَهدافِ المناهجِ التعليميَّةِ المتطوِّرةِ وتحقيقِها، والحصولِ على معدَّلاتٍ أَعلى منَ التحصيلِ العلميِّ التي توسِّعُ فُرَصَ الخيارِ لكلِّ فئاتِ المجتمع.
7-وتجدرُ الإشارةُ إلى ضرورةِ بذلِ جُهدٍ عربيٍّ مشترَكٍ لإِعدادٍ متجدِّدٍ للمُخَطِّطينَ بهدَفِ تحقيقِ التفاعلِ المرجُوِّ بين التجاربِ العربيَّةِ في ميدانِ التخطيطِ التربويِّ، ثمَّ بينها وبين التجاربِ العالميَّة. وهذا يقتضي إِنشاءَ هيئاتٍ مستقلَّةٍ تراقبُ جودَةَ التعليمِ وتطوِّرُ فلسفتَهُ، وتلتزمُ مبدأَ حقِّ الإنسانِ العربيِّ في التعلُّم، وتنشئُ مراكزَ لاكتشافِ الموهوبينَ ورعايتِهم، وتوفِّرُ تكافُؤَ الفُرَص، وتلبِّي حاجاتِ سوقِ العمل. كما يجبُ تعزيزُ التعليمِ المهنيِّ والتِّقْنيِّ وتطويرُهُ في مجالاتهِ المختلفة بما يتَّفقُ مع الاتِّجاهاتِ العربيَّةِ والعالميَّةِ المعاصرة، إلى جانب إِشراكِ القطاعِ الخاصِّ في تمويلِ الجامعاتِ لإِيجادِ برامجَ مناسبة، تساعدُ على تأهيلِ الخرِّيجين في مجالاتِ العملِ المطلوبةِ والمتاحة.
8-وأخيرًا، يحتاجُ التعليمُ إلى حلولٍ تتَّفقُ وحاجاتِ كلِّ بلدٍ على حِدَة. ومهما يكُنْ من أَمرٍ فإِنَّ تطويرَ المنظومةِ التربويَّةِ العربيَّة، في ظلِّ العولمةِ، باتَ ضرورةً وطنيَّةً وحتميَّةً تنمويَّة.
حسَّان فوزي بيدس
جريدة الحياة – 8 حزيران 2007
(بتصرُّف